النقد بقسوة يحطم طفلك!
يعاني كثير من الأبناء داخل الأسرة من النقد السلبي الهدام
الذي يقف عند كل تصرف سيئا كان أم حسناً
مقصودا كان أم عفويا صغيرا أم كبيراً..
فهم لا يرون إلا القبيح السيئ
وإن كان التصرف النابع من الابن حسناً
نقبوا عن السيئ فيه تنقيباً
فصبوا نقدهم واستهزاءهم عليه
فالسيئات مرئية عندهم والحسنات دفينة..
لا تكاد ترى.. مندثرة..
تكاد تموت تحت تأثير السيل القاسي من الكلمات التي تلحق بعضها بعضا،
لتكون حاجزا نفسياً يسيء إلى الابن أيما إساءة.
فيكف يؤثر نقد الآباء السلبي القاسي على الأبناء؟..
ما صوره؟.. ما مخلفاته.. وما السبيل إلى تجنبه؟
•النقد القاسي ومعاناة الأبناء
كثير من الأبناء يتعرض لهم الآباء بالنقد القاسي المستمر والسخرية،
وهذا يؤثر على نفسية الابن بشكل سلبي،
يؤدي به إلى الفشل المتكرر وإلى فقدان بل وانعدام الثقة بنفسه.
وهذه بعض النماذج والصور المتكررة من النقد السلبي القاسي يصرح بها أبناؤنا:
•أمام معلمتي
طلبت المعلمة من والدي الحضور لتخبره عن أحوالي في الفصل،
فقالت له: ابنك مؤدب وخلوق وهادئ وحسن التعامل مع زملائه..
غير أنه يواجه صعوبات في بعض المواد العلمية،
فما كان من الوالد إلا أن انهال على ابنه الخلوق بالعبارات القاسية
والنقد الهدام أمام معلمته،
لم يكترث بمدح المعلمة له.. بأخلاقياته وأدبه وحسن تعامله مع زملائه،
بل فقط.. نظر إلى الجانب المعتم..
الذي يستطيع الابن بقليل من التشجيع والاهتمام أن يضيئه.
•حتى طريقتي في المشي
والدي ينتقد كل تصرفاتي، حتى طريقتي في المشي ينتقدها..
إن تعثرت بحجر في الطريق.. يضحك علي ويسخر مني،
ويقول: يا إلهي، ما بالك لا تحسن المشي، يا لك من ابن........!.
•تعقدت من نفسي
كثير ما أشعر أني مراقبة، فلابْتسامتي نظرة مزعجة من والدتي،
ولصوتي وطريقة تحاوري مع الآخرين انتقاد أمام إخوتي وأقاربي،
لتسريحة شعري.. ولطريقة ارتدائي الحجاب.. لأمور أخرى
وواجهتني فيها والدتي بالسخرية..
كم سالت دموع الحرج والألم اللذين ينتابانني جراء ذلك،
وكم غضضت بكلمات الدفاع عن نفسي والاعتراض على ذلك..
وكم كتمت ذلك في قلبي.. وكم وكم بكيت وحدي.
•وقع النقد السلبي على نفسية الأبناء
يوقع النقد القاسي السلبي في نفسية الطفل سلبيات كثيرة ترافق أعوام عمره،
وتكاد تنمو معه كلما زاد في عمره عاماً، ومن تلك السلبيات:
1-فقدان الثقة بالنفس
الطفل الذي يوجه إليه النقد السياسي السلبي
حتما سيعاني من فقدان الثقة بنفسه..
وتتشكل جل إشارات الضعف والخوف والاضطراب في شخصيته..
فيشعر دائماً بالنقص وانعدام الأمان والخوف من الآخرين ومن المجتمع،
ومما لا شك فيه أن ذلك سيؤثر سلباً على تحصيله الدراسي،
وتميل سلوكياته السليمة إلى المرض الذي يشعر صاحبه بالانكسار،
كما أن ضعف الثقة بالنفس
يؤدي إلى عدم قدرته على اتخاذ القرارات وحسن التصرف في المواقف.
2-مزاجية عصبية
تتصف شخصية الابن المتعرض للنقد السلبي الدائم بالانفعالية الزائدة،
وحدة الطباع، وتقلب المزاج والنظرة السوداوية.
3-الاكتئاب
الشعور بالنقص الذي يعاني منه الابن المنتقد يولد لديه الشعور بالاكتئاب،
ويشعره دائماً بأن الأنظار ترمقه،
وأن من حوله مطلعين على ما يعتقد بأنه (نقيصة)،
فشعور المراقبة هذا يوسع دائرة الاكتئاب عنده شيئاً فشيئاً،
فيميل للوحدة والانعزال والانطواء على نفسه.
4-فقدان الثقة في توجيهات الآباء
آخر ما يمكن حدوثه للشخص الذي يتعرض دائماً للنقد
هو فقد الثقة في توجيهات ونصائح الآباء،
وعندما يبلغ الابن سن المراهقة يتغير معيار السلوك لديه،
ويصبح من الصعب أن يتقبل أي توجيه أو نقد،
وذلك بسبب ما تعرض له من النقد الذي لا ينبني على أسس صحيحة،
والذي لا يوجهه لأي صواب بالقدر الذي يعارضه فقط،
فلا يفرق بعدها بين النقد البناء والنقد السلبي الهدام،
إضافة إلى روح التحدي والتمرد اللذين يتولدان لديه.
عزيزي المربي
لكي تجني أطيب الثمار
وتنعم وأبناؤك بالصحة والراحة النفسية
-وجه أبناءك بالرفق لا بالشدة، بالرحمة لا بالقسوة.
-كن لهم القدوة التي ينظر إليها بعين الاحترام والحب والثقة.
-تودد إليهم بلمسات الأبوة الحانية.. بقبلاتك وجلساتك الدافئة.
-أضف على اجتماعك بهم روح الفكاهة، والحيوية والتفاعل.. فحوار..
وأقصوصة.. وتلذذ بالنقاش.. فابتسامة.
هكذا .. يتحول النقد السلبي إلى إيجابي..
هكذا.. تتقرب من أبنائك وتخطو فوق العثرات التي تواجه مسيرتك التربوية،
فأنت لأبنائك .. وأبناؤك لك.. دمت لهم..
تسقيهم من نبع الحنان والمودة والألفة والتفاهم.. وداموا لك.. طائعين..
غير عاقين.. محبين ومحترمين.