T-Virus مشرف
الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 595 نقاط : 1657 مشكور : 42 تاريخ التسجيل : 05/03/2010
| موضوع: نضال سيجري: أنهينا «ضيعة ضايعة» كي لا نتورَّط عاطفياً معها الأحد فبراير 27, 2011 12:30 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مع نضال سيجري لا يمكنك إلا أن تبحث عن صوتك في صوته, ولا يمكنك إلا أن تسمع كلَّ ما يليق بك، وأن تُسمِعه في المقابل كلّ ما يليق به.. بين اللائق والبحث عنه, يكون الفنّ مأمناً له؛ لنضال.. هذا عندما يكون البحث عن الذات يعني حبّها, وعندما لا يمكن لحبّها أن يأتي إلا عبر معرفة حب الله وتعلّمها دوماً من جديد.. بين أسعد خرشوف ونضال، لا تسكن الملائكة، ولا تسكن الشياطين أيضاً..
بينهما يسكن رجل يملي على الطرفين طريقة حياة لا تشبه أحداً منهما, إلا بالقدر الذي تشبهنا جميعاً فيه.. أسعد خرشوف يشبه فرحاً علينا أن نبحث عنه دوماً في زوايا وتفاصيل مهملة من حولنا, ونضال سيجري يشبه تحقيق كلِّ الفرح اللائق عبر فنّه ومسرحه ودغدغته السينمائية القادمة..
• كيف سنبدأ مع نضال؟ - رأيي أن لا نبدأ..
• فليكن إذا حواراً.. نعتبره حواراً تلفزيونياً, لكنه مسجّل على الورق.. بمعنى ما «ع الهوا».. أسعد خرشوف «أجدب» أم «طيب»؟.. - لا ليس «أجدب».. إنه طيب.. رغم أنه يعرف في لحظة من أين يأتيه الأسى ومن أين يأتيه الوجع الذي هو مِن «جودة», لكنه في حقيقة الأمر لا يمكن له أبداً أن يعيش من دون «جودة».. فهو بشكل أو بآخر الوجه الثاني له..
• هل أحببته أنت؟ - أحببته.. أنا لم أسخر منه في أيِّ لحظة.. كنت كلَّ الوقت أدافع عنه..
• مَن هو أسعد؟ - كثير من الناس يمثّلهم أسعد, ومع نسيان الشكل الخارجي هذا، الكاريكاتيري بشكل ما, فهو يشبه كثيراً من الأشخاص المواطنين الذين هم على حافة الهاوية، والمهمّشين، والذين نادراً ما نلتقيهم في السهرات والصالونات الأدبية والأمسيات الشعرية..
• أين تراهم؟ - على الأرصفة في لحظة, أو في قرى بعيدة..
• أنتَ تراهم؟ - نعم أراهم..
• تسلّم عليهم؟... - وبحرارة وصدق..
• حتى لو كان حذاؤه مثل حذاء أسعد؟.. - حتى لو كانت يده في القمامة..
• أليست مثالية؟.. - لا أبداً.. هذه حقيقة..
• هي حقيقة بالمثال.. بالذهن.. بالمجاز؟ - بالمجاز.. لكن لا يمكن لي أبداً أن أراهم وأُظهر أنني لا أراهم وأدير وجهي عنهم.. وعندما تسمح لي الفرصة أؤكِّد أنه بإمكاني أن أسلِّم عليهم ببساطة، ومن دون أن أمنّنهم أو أحسّسهم بأهمية سلامي لهم.. كان لدي صديق اسمه أنطون, تعرَّفت إليه في 1985- 1986 في مطعم «الفريدي», ثم اكتشفت لاحقاً أنَّ أنطون، وهو رجل كبير في السن، يذهب إلى «الفريدي» ليس على حسابه, بل على حساب الذي يسلّم عليهم, فوضعه المادي سيِّئ.. وتشكّلت بينه وبيني صداقة ذهبت باتّجاه معلّم وتلميذ, فهو ابن الخمسين أو الستين سنة، وأنا ابن العشرين تقريباً.. أصبحت أحسّ بأهمية حياة أنطون المقلقة, وبإمكانية أن تكون أنتَ بجانب أنطون أكثر وقت ممكن.. وأنطون إحدى الصداقات الأخرى متشابهة.. كنت في المدرسة، وكان لدي صداقة مع سيدة بعمر والدتي، ولم أكن أعرف وقتها ماذا يعني «فصام».. وعرفت لاحقاً أنها سيدة كان لديها «فصام»، ولكنني أحببتها كثيراً.. وهذه العلاقات لم تكوّن عندي في أيِّ لحظة أيَّ رد فعل، أو أنني ندمت عليها أو أحسست بأنني أضعت وقتي في مثل تلك العلاقات.. بالعكس تماماً.. وحتى هذا اليوم أحسّ بأنني إن صادف وقابلت مثل هؤلاء الأشخاص, فستتشكّل صداقة بيني وبينهم..
• هل أنتَ قريب جداً من شخصية أسعد.. أنتَ نضال سيجري تحسّ في لحظة بأنك والشخصية مع بعضكما.. - قريب جداً وفي لحظة يأتي هذا التماهي بيني وبين أسعد.. رغم أني لست ملاكاً، ولن أكون..
• وأسعد ليس ملاكاً.. أسعد شرير صغير.. - رجل صغير؟..
• أليس من المصادفة أن يكون هناك «أسعدان» في موسم واحد.. أسعد الوراق وأسعد خرشوف، وأحببنا الاثنين.. فهل نحن بحاجة إلى مثل هذه النماذج الآن؟ - صحيح.. أسعد الوراق له خصوصية أخرى، ووجعه مختلف، والطريقة التراجيدية التي تمّ تقديم الشخصية بها لامست شغاف الروح في لحظة، بشكل آخر ومختلف عن ملامسة شخصية أسعد خرشوف.. لكن في رأيي، أنَّ الشخصيتين تمتلئان في لحظات كثيرة بالوجع نفسه, وتتقاطعان كثيراً.. لكن طريقة صياغة كلّ شخصية هي التي اختلفت.. لكن ببساطة، أسعد موجود في شارعنا..
• يلفت أسعد خرشوف النظر إلى ذلك الفرق بين القدرة على الإقناع والتعاطف.. كنا دائماً عند متابعة «ضيعة ضايعة» نتعاطف مع أسعد.. فهل الطيبة والصدق والخير والجمال الروحي لم تعد قادرة في هذا الزمن على إقناعنا إلا عبر التعاطف؛ أي هل كان واجباً على تلك الشخصية أن تقنعنا فقط ضمن حيز التعاطف الذي يتولّد داخلنا.. أم أنَّ هناك شيئاً آخر كان عليه أن يحدث في الشخصية ولم يحدث؟ - دمنا العربي قائم على العاطفة, مهما خرج من عندنا من مفكِّرين عرب وفلاسفة وعلماء رياضيات وجداول ضرب..
• لكن هناك شعرة بين العاطفة والتعاطف؟! - نحن أناس عاطفيون من دون أن نقصد.. مثلاً، من المؤكَّد أنَّ الذي قام به هتلر في ألمانيا ليس قليلاً أبداً، لكن نحن نتعاطف مع تشي غيفارا، وليس مع هتلر.. نحن تعاطفنا مع لينين، ونفرنا من ستالين في لحظة، ونظرنا إليه على أنه مجرم.. عاطفتنا إجمالاً تميل باتجاه الأفقر والأضعف ومن هو بحاجة إلى الوقوف معه.. هذا في حالة اللاوعي من دون إرادتنا.. نحن نتعاطف مع شخصية موجوعة صغيرة بحاجة إلى مَن يأخذ لها حقها.. وأسعد استطاع أن يصل إلى هذا المطرح من خلال النصّ ومن خلال طريقة العمل ككل والشخصيات الأخرى..
• وكأنه أن نحبَّ أسعد في «ضيعة ضايعة» كان يعني أن نحبَّ كلَّ الشخصيات دون استثناء, حتى الشريرة منها. لِمَ لا يمكننا أن نحبَّ جميع الناس ونتصالح مع الكراهية.. هذا عندما يمكن لـ»ضيعة ضايعة» أن يكون تفصيلاً لصورة ما؟.. - «ضيعة ضايعة» فيه من الطرافة ما يجعل العمل يقترب من «الكوميك»..
• لكن، كان واضحاً أنَّ الجزء الثاني من «ضيعة ضايعة» ارتقى بالطرافة وبشكل أنيق إلى مستوى فكري.. - لكن بقي مفترضاً..
• ألم يكن هناك بحثٌ عن الحقيقي ضمن هذا المفترض؟ - بقيت شخصيات مفترضة ومتخيَّلة..
• إذاً، وكأنّ المطلوب من الفن أن يبقى ضمن إطار الوهم والافتراض، في الوقت الذي عليه أن يصل إلى الحقيقي من صلب الافتراضي.. - هذا ممكن.. لكن الفن ليس صيدلية, فمتى تحوّل الفن إلى صيدلية سينتج كارثة، ولن يبقى فنَّاً.. الفن يطرح أسئلة، ولكن ليس لديه أجوبة، وليس مضطراً إلى أن يُحدِث أجوبة, وإلا سنتحوّل إلى إبرة أو حبة..
• لكن يجب أن لا يبقى على سويّة العرض فقط.. فقط على الواجهات.. فحتى الصيدلية ليست وظيفتها فقط عرض المنتج الذي هو في النهاية مجرد حالة استهلاكية؟.. - لم أقصد المنتج.. بل عن السؤال الذي يطرحه الفن، وكيف يقوم بتكبير السؤال ووضعه تحت المجهر.. أتكلَّم بفلسفة الفن, فالفن سؤال، وليس إجابة..
• طالما هي «ضيعة ضايعة».. فلِمَ أعلنتم موتها (الضيعة).. وكان الموت بطريقة جداً ساذجة, مع أني دافعتُ عن النهاية.. في الوقت الذي كان عليها أن تموت بطريقة أخرى ترتبط بذاكرتنا؟.. - كانت طريقة موتها قاسية.. عندما فكَّرنا في هذا المشروع كان أصحاب المشروع الأساسيون هم باسم ياخور والليث حجو وممدوح حمادة وأنا.. وعندما كانت مثل هذه الحكاية وبهذه التوليفة لم نكن نتخيَّل أنَّ «ضيعة ضايعة» سيصل إلى هذا المطرح.. لكن كانت رغبتنا في أن نصنع شيئاً أنيقاً, بشكل أو بآخر، يليق بروح مشاهد يعنينا أن يرانا ويحبَّنا.. رأينا رد الفعل تجاه الجزء الأول، ليأتي الجزء الثاني توريطاً عاطفياً. وأردنا أن يكون الجزء الثاني أكثر ميلاً إلى الحالة الفنية أكثر من كونه حالة إنتاجية.. وبصراحة، في الجزء الثاني خفنا من أن نتورّط عاطفياً مرة ثالثة ورابعة.. لذلك كان من المفترض أن يحصل الذي حصل مع النهاية، ونقول «ستوب», ولم نكن نريد أن نقع في مطبّ الأجزاء، فهو موضوع آخر.. وفعلاً، أحسسنا بأنَّ «ضيعة ضايعة» كفاه وانتهت حكاياه.. ولأنَّ العمل لم يكن تجارياً أبداً أبداً، حكينا حكاياتنا الستين, يمكن أحبَّ الناس منها أربعين.. فالحكايا القادمة- إن تمّت- ستكون مفبركة وكذّابة، ولن يصدّقنا الناس.. الصياغة والطريقة كان من الممكن أن يتمّ الحديث عنهما, لكن القرار كان من المفروض أن يكون نهاية العمل.. وأنا- نضال- أكثر ميلاً إلى انتهاء العرض المسرحي قبل أن ينظر المشاهد إلى ساعته.. وعندما أزور أحداً أحبُّ أن أقوم من الزيارة قبل أن يتلقَّى مضيفي هاتفاً من أجل موعده الآخر.. أحبُّ أن يقول المشاهد «يا ريت لو كان أكتر», أفضِّل أن يقول «كتّرتو».. وبصراحة بصراحة، ممدوح والليث وباسم وأنا، وأديب خير الذي أصبح جزءاً من القصة، كلنا رأينا في القصة أولاً وأخيراً نافذة لاحترام المشاهد بكلِّ معنى الكلمة، ونقطة أول السطر..
• هل حصل وندمتم؟ - لا أبداً..
• بالتأكيد شكّل أسعد نقطة انعطاف في حياتك؟.. - ليس مجرد انعطاف.. بل صنع فرحاً لي.. أولاً أسعد جعلني أتعرَّف شخصياً إلى شخص اسمه ممدوح حمادة، عندما ذهبت والليث إليه إلى بلاروسيا, إنه إنسان بكلِّ ما تحمله الكلمة من معنى.. فالطرافة التي يمتلكها ممدوح تظهر بشكل بسيط وعفوي.. وممدوح في كثير من اللحظات عاطفته والطيبة التي داخله تشبه أسعد وتشبه محمد الماغوط بصراحة.. رجعنا أنا والليث من بلاروسيا مفعمين عاطفياً بممدوح، وعاطفياً أحسسنا بأنه سيكون هناك نتائج طيبة من ممدوح كعمود أساسي في هذا.. وباسم ياخور الذي كان أبوه صديقاً لي, فعندما كنا في «ضيعة ضايعة» ويومياً معاً, اكتشفت في باسم أنه شريك شريف، وليس لديه أنانية ولا يوجد من هو «أشطر» من الآخر، كما في المدرسة، للمنافسة أمام الأول.. الكلّ يساعد الكل، والكل ميّال لتكون الشخصية الأخرى جيدة.. وكذلك الليث، لا داعي للكلام، فهناك شراكة عميقة بيني وبينه.. والجميع..
• الآن، وبعد هذه الانعطافات التي حصلت معك.. ماذا يكون نضال سيجري.. الممثل أم المخرج أم المسرحي أم المذيع.. وماذا تريد وإلى أين تذهب.. الناس يريدون أن يعرفوا.. هل طموحك، مثلاً، في مسرح وأن تنجح فيه.. هل تعتقد أنَّ هذا طموحك.. هذا حلمك؟.. - هذا واحد من أحلامي.
• لكن لن يوصلك إلى ما تريد؟.. - لن أقولها بخجل.. سأقول إنه بدأ هاجس آخر يدغدغني، والذي هو الإخراج التلفزيوني والسينمائي.. في لحظة من اللحظات، أصبح لدي رغبة في البحث عن منبر أحكي منه الحكاية..
• أن تكون أنت المايسترو وقائد الحكاية؟.. - وهذا الذي يتمّ التحضير له الآن في فيلم «طعم الليمون»..
• كيف أتى «طعم الليمون»؟ - ما سأقوله لا أدري إن كان بالإمكان كتابته على الورق.. صار معي أنه تولّد شيء داخلي يشبه حركة الفقاعات ضمن الماء.. أنا لم أعرف ما هو هذا الشيء, ثم بدأ هذا الشيء يمدّ برأسه ليخرج.. فهذا الهاجس، الذي لن أقول إنه كان مطموراً ولكنه كان جانباً في لحظة, أحسّ بأنني الآن أمتلك رغبة في وجوده معي..
• كبديل؟ - لا، ليس بديلاً، بل هو إضافي.. لو أعرف أن أغنِّي لفعلت.. أنا عندي عقدة العزف.. أحسّ بأنَّ الإنسان موجود في كل الأمكنة وفيه كلّ التناقضات؛ في لحظة ينجح، وفي لحظة يفشل.. لكن عليه دوماً أن يجرّب.. ومن الضروري دوماً أن ترفع صوتك.. وأنا، وبعد هذا المنعطف الذي تكلّمت عنه, لم أزل نضال.. نضال نفسه؛ الشغوف والمندهش، ولن أستغني عن اندهاشي.. لا أريد أن أصل إلى مكان ما من دون أن أندهش.. سأشتغل على نفسي لأبقى «أندهش» دوماً..
• وإذا فشلت؟.. - ممكن...
• لنتكلم عن فيلم «طعم الليمون».. - أهداني الفكرة، مشكوراً، الصديق حاتم علي.. فكرة الفيلم عن زيارة أنجلينا جولي إلى سورية؛ لزيارة إخواننا العراقيين.. النصّ لرافي وهبي واشتغلنا عليها أنا وهو, وهذه هي الكتابة الخامسة للفيلم.. تركنا خطوطاً، وألغينا أخرى وكرّسنا غيرها.. منزل فيه عائلة فلسطينية، وأخرى لبنانية، وعراقية، وسورية.. وتدور الأحداث حول الكيفية التي تجهّزت بها هذه العائلات لاستقبال أنجلينا جولي.. بالإضافة إلى أهل الحارة، التي تقصّدت أن تكون متنوعة، من أجل أن يرى المشاهد صورة شارعنا الصغير كيف يرى الآخر؛ هذا النجم الأمريكي.. وفي الفيلم العديد من التفاصيل...
• أنت نجحت في تجربة مسرحية, وكانت تجربة جداً مهمة.. لكن، هل هذا يعني أنك ستنجح دوماً في المسرح؟.. نصّ أنت الذي كتبته، وأنت الذي أخرجته، وأنت الذي اخترت الممثلين أيضاً؛ وبالتالي «ون مان شو».. - وفيلم «طعم الليمون» هكذا أيضاً.. هذه هي الكتابة الخامسة لنصّ الفيلم، لي ولـ رافي.. وأنا الذي اخترت فريق العمل، وأنا الذي سأخرج الفيلم..
• يعني من اللازم أن تكون «ون مان شو»؟.. - ليس «ون مان شو»، لكن يجب أن يكون لي منبر حتى هذه اللحظة..
• سؤال من وحي المكان الأنيق الخاص بنضال سيجري والذي نجلس فيه الآن... وكأن نضال يخاف الوحدة في صورة.. لا أرى صورة لك وحدك؟.. - يوجد لوحة هناك.. هي خلفك ولم تريها..
• ليس دفاعاً عن خسارتي في الشق الأول من السؤال, لكن أريد أن أسأل: ما هو إذاً حجم الإطار الذي يليق بنضال سيجري ليكون وحيداً ضمن صورة؟ - أنا الذي سأجيب عن هذا السؤال؟!!..
• طبعاً... - لكن لا يوجد جواب.. سأتركه برسم الآخرين..
• لا.. لا يمكنك فعل هذا الآن وأنت منذ قليل دافعت عمّا يشبه «ون مان شو».. وبلا تردُّد.. فمن المؤكد أنك تملك جواباً بجرأة وبلا تردّد.. الثقة بالفن الذي تقوم به والصدق الذي تظهره يؤهِّلانك حتماً للإجابة من دون أن تقول لي كما يقول الجميع: «خلّي الجواب بحكم الجمهور»؟.. - بصراحة، أنا «حدا بيحبّ حالو كتير».. لكن إطلاقاً ليس من باب النرجسية.. حبي لنفسي علّمني أن أحبّ الآخر الذي أمامي مهما كان وأياً كان.. ومن لفت نظري لنفسي أكثر هو الله.. الله سبحانه وتعالى جعلني أحسّ بأنَّ حولي أشخاصاً كثيرين يحبُّونني، وأنه هو يحبّني أيضاً، ولم يبقَ لي إلا أن «أحبّ حالي»؛ وإلا لن ينفع أيّ شيء..
• أحببته؟.. - «حالي»؟..
• أقصد الله.. - أحببته كثيراً.. وكنت دائماً أقول إنَّ الله مهندس معماري عظيم، وأتوقَّف عن الكلام.. الآن أصبحت أحسّ بهذه الهندسة المعمارية العظيمة, وكم لدى هذا المهندس من قدرة ليضعني داخله في أيّ لحظة.. وأنا في رأيي، أنه كلما عرف الناس كيف يحبّون أنفسهم عرفوا كيف يحبّون الله.. الحدّ الأدنى أن لا تكون عدوانياً تجاه الآخرين, والله يعلّم أن لا تكون حسوداً, بل يخبرك بأنك صنعت جيداً واترك لغيرك أن يصنع الجيد أيضاً..
• أي كان هناك نقطة انعطاف في علاقتك مع الله أيضاً.. - جداً..
• باتجاه التقارب.. - باتجاه العشق والوله..
• كلام جميل.. هل من صوفية.. ونتيجة ماذا؟.. - صوفية جديدة.. المنعطف الصحي الذي حدث معي علّمني الكثير.. لا تحكِ لي كيف تكتب الشعر ولا تحكِ لي عن مدارس الشعر, بل اكتفِ بأن تسمِعني قصيدة, وهنا يكمن الإعجاز والسحر.. وهكذا هي علاقتي مع الله, لا أعرف أن أرتّب أو أن أصيغ, لكن الحب لا نهائي.. وأحسّ أنني كثيراً داخل الله...
• بصدق، ما الذي رميته من نضال السابق؟ - رميت فكرة عدم الاهتمام في لحظة بشيء قريب مني كثيراً، والذي هو بيتي.. لم يكن لدي وقت, وكنت أحسّ دوماً أنني أعمل من أجل البيت, من أجل وليم وآدم وسندس؛ من أجل أن يكون بيتاً لائقاً.. ثم اكتشفت لاحقاً أنَّ هذا هو أكبر خطأ؛ أن تشتغل وتشتغل وتشتغل.. أصبحت أرى «تشتغل» واحدة، وأن أرى البيت كثيراً.. كان يمكن أن أرى فرش البيت أحلى ودهانه جميلاً وأن يكون الأولاد في مدارس جيدة, لكن لا أراهم كثيراً.. فوجدت أنَّ الأهم هو الثاني؛ أن أراهم كثيراً..
• كيف تغيَّرت علاقتك بـ وليم وآدم؟.. - «رفقاتي الشباب كتير».. علاقتي معهم مثل علاقتي مع الله..
• وعلاقتك مع الوسط الفني؟.. - أنا بصراحة ليس لدي عداوات في الوسط الفني.. أغار مثل كلِّ إنسان طبيعي، لكن ليست غيرة مرضية..
• هل أنتَ بمأمن؟ - بمأمن عن ماذا؟..
• ليس عن.. بل بمأمن في.. ؟ - أنا بمأمن في الفن.. الفن حالة عالية من الاحترام جداً جداً جداً...
• حتى عندنا؟ - حتى عندنا.. أنا أتكلَّم عن الفن.. عندما يظهر أحد ما هنا أو هناك أو في مكان ما غير لائق بالفن, فهذا لا يعني أبداً أنَّ الفن غير لائق.. سيكون فقط هذا الـ»حدا» غير لائق. أما الفن، فهو شيء لائق دوماً.. وأنا أعتزّ بأنني اخترت مكاني في الفن وأشتغل فيه, وبأنه أصبح لي بمقدار زاوية صغيرة فيه.. وأحسُّ بالفرح فيه..
• الذي يجلس مع نضال ويعرفه أكثر يأخذ صورة عنك بأنك شخص حرّ من الداخل.. لن أسألك عمّا أخذته من صورة لك.. أسأل: هل أنت أسير فخّ ما يمكن أن يوقفك عن عمل شيء؟ - لم يحصل وأن أحسست بفخّ.. 99,99% أعمل ما أريد..
• دائما تتمكّن من ذلك؟ - عندما لا أتمكّن يكون أنني لا أريد ذلك..
• هل حصل مرة وتجاوزت نفسك؟ - أنا «حدا» صعب جداً، لا أستطيع أن أتجاوز نفسي.. (يضحك) أنا رقم صعب..
• إذاً بلا تجاوز.. أنت بجوار مَن الآن.. أو بجوار من تتمنَّى أن تكون؟ - أتمنَّى أن أكون في خيال وليم وآدم وأصدقائهما.. هذا الخيال الخصب الذي يلفتني.. هذا الاحتيال الذي يخصّ الأطفال, وأنا لا أسمِّيه كذباً أبداً, بل هو نوع من الخيال.. نحن الذين لم نعد أطفالاً، فها هو خيالنا يغيب قليلاً قليلاً..
(.... ها قد توقَّف حوارنا هنا.. رغم كلّ المتعة التي تشعرها في حوارك مع نضال سيجري.. ورغم كلّ الأسئلة التي كانت تليق بنضال سيجري.. لكن ربما كنا سنكون أنانيين بما يكفي لو أتعبنا نضال أكثر.. نضال الذي لا يمكن لصوته إلا أن يأتي من القلب والروح.. نبرة نضال سيجري التي لا يمكن ورغم كلِّ شيء إلا أن تمنح الدفء والصدق والحميمية... ليكون حواراً يشبه نضال ويشبهنا كما أحسّ هو.. وربما كما أراد هو، وأردنا نحن، أن يكون الحوار فعلاً..)...
| |
|